Featured image of post [قصة نجاح] شابلن : أشهر صعلوك في القرن العشرين

[قصة نجاح] شابلن : أشهر صعلوك في القرن العشرين

[10-23-2014 6-07-00 PM] تعود ملكية الصورة لأصحابها

المعنى الخالص للتفرد وتجسد العبقرية والموهبة في شخص رجل واحد، ومن استحق بجدارة لقب “فنان” لما أضافه للتراث الإنساني خلال سنوات إبداعه فصنع من نفسه أيقونة عالمية خالدة للأبد وأصبح من العلامات المميزة الكبرى للقرن العشرين بقصة صعود ونجاح جعلت منه أغنى “متشرد” في القرن، بقبعته السوداء البارزة أعلى شعره وعصاه الرفيعة الشقية وساقيه الرشيقتين المتراقصتين المتناغمتين كرقاصتي باليه دائماً في سيمفونية أكروباتية بديعة وملابس رثة لمشرد أسر قلوب الملايين ومازال، نقف اليوم في حضرة العبقري وأحد الآباء المؤسسين لصناعة السينيما والكوميديا الساخرة (السير تشارلز سبنسر شابلن) أو كما يعرفه الجمهور بـ (تشارلي شابلن) .

“إنه العبقري الوحيد الذي خرج من الصناعة السينمائية.” جورج برنارد شو

لم تكن طفولة وردية

السادس عشر من أبريل عام 1889م بلندن ،إنجلترا ولد “تشارلز سبنسر شابلن " لعائلة فنية أب وأم يعملان بالتمثيل والغناء الأب السير (تشارلز سبنسر شابلن) وأمه (هانا شابلين) ،ولكنها عائلة مضطربة أب مدمن على الكحول أنفصل فيها عن الأم وتشارلي في سن الثالثة فقط وأكمل حياته المضطربة منذ لحظة إنفصال الأبويين مع أمه،التي أوُدعت في مصح نفسي في النهاية بعد ترددها عليها لعدة مرات وتركت إبنها في ملجأ للفقراء بجنوب لندن ليضطرا هو وأخيه سيدني الإعتماد على إعالة نفسهما مستعيين بما ورثاه من أبويهما من موهبة فنية جعلت الفن كالرقص والمسرح والسينما هم الوجهات الأنسب لهما لكسب العيش .

خطت قدم شابلن الصغير خشبة المسرح لأول مرة في سن الخامسة بدلا عن أمه والمرة الثانية عندما ساعده أخوه فى الحصول على دور في إيمائية سندريلا في مضمار لندن بسن الحادية عشر ولكن أهم تجاربه في الصغر تتمثل في حصوله على وظيفة ثابتة في تمثيل دور شخصية الطفل بيلي بائع الصحف في سلسلة شارلوك هولمز والذي عمل بها حتى عام 1906 ثم بعد ذلك عمل في إستعراض “سيرك المحكمة” المنوع في كاسي وبعد ذلك بعام أصبح مهرجا في شركة “فرد كارنو الكوميدية “مصنع المرح " ،وظائف وأدوار استطاعت تطوير الفتى شابلن لتمهيده لإنطلاقته في السينما الصامتة وأمام محبوبته الحقيقية “الكاميرا” .

[Chaplin_Karno_advert] شابلن مع “فرد كارنو”

الوصول لأرض الأحلام

مع شركة “فرد كارنو” كانت رحلتة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية التي عاد بعدها بخمسة أشهر للندن مرة أخري ثم العودة لأميركا مرة أخري ومكوثه بها ليبدأ مشواره أما الكاميرا ، تم إنتدابه سنة 1913 للعمل في شركة كستون لإنتاج الأفلام ،واجه شابلن صعوبة في بداية مشواره لطلب التمثيل في أفلام الشركة القصيرة نظرا لمستواه التمثيلي المتواضع في البداية الذي لا يرتقي بصاحبه للوقوف أمام الكاميرا الأمر الذي وصل بالمخرج للندم على إختياره للتمثيل في أول أفلام تشابلن وهو “لقمة عيش” ولم يتح له الفرصة من جديد حتى ولد الصعلوك او المتشرد .

[Chaplin_Making_a_Living_2] اول ظهور لشابلن امام الكاميرا فى فيلم “لقمة عيش”

ولد The Tramp الصعلوك صدفة ليكون تذكرة تشابلن الذهبية للنجومية والمحفز الأساسي لقدراته الإبداعية التي ستظهر فيما بعد في الكتابة والإخراج والتمثيل ،كان ظهور “الصعلوك” الأول في فيلم تشابلن الثاني أطفال يتسابقون في فينيس الذي خرج للجمهور في يوم 7 فبراير 1914 بينما كان يبلغ تشابلن عامه ال 24 ولكن يروي تشابلن حكاية ولادة الشخصية في سيرته الذاتية التي كتبها بنفسه بأن الشخصية ظهرت في فيلم مأزق مابل الغريب الذي صور قبل السابق ولكن تأخر في عرضه ليوم 9 فبراير عندما طلب “ماك سانيت " من تشابلن إستعمال مكياج كوميدي ويرويها شابلن قائلاً :

” لم أكن أملك أي فكرة في خصوص أي مكياج أضع. لم أرد أن أظهر كصحفي في نشرة إخبارية كما هو الحال في فيلم لقمة عيش. لكن في الطريق لخزانة الملابس جائت فكرة أن أرتدي سروال فضفاض، حذاء كبير، عكاز وقبعة. أردت أن يكون كل شيء متناقضا: السروال الفضفاض، المعطف الضيق، القبعة الصغيرة والحذاء الكبير. كنت مترددا أن أكون بمظهر شخص كبير أو شاب، لكن تذكرت ان سانات كان ينتظر مني أن أكون بمظهر شخص أكبر عمرا، لذلك أضفت شنب صغيرا وذلك ليضفي على الشخصية الكبر في العمر دون إخفاء تعابيري. لم تكن لي أي فكرة حول الشخصية، لكن في اللحظة التي ارتديت فيها الملابس وقمت بالماكياج أحسست بالشخصية. بدأت أتعرف عليها، وعندما دخلت ساحة التمثيل ولد الصعلوك.”

[800px-Chaplin_Kid_Auto_Races] اول ظهور للصعلوك

سحرت شخصية “الصعلوك” الجماهير منذ ظهورها الأول والتي هي الآن الأيقونة التي يتذكر بها العالم تشابلن وأصبحت من العلامات السينمائية والتجارية الأشهر في القرن العشرين ،فلو كانت هناك براءة إختراع لدخول الكوميديا البصرية للسينما التي تعتمد على الإيماءات والحركات الجسدية البهلوانية الرشيقة والتي أصبحت مصدر إلهام لكثير من الكوميديان العالميين فيما بعد لأخذها تشابلن بإقتدار فهو الأب الروحي لهذا النوع بلا منازع ،وتمثلت عبقريته في صناعة فن يدوم تأثيره على المشاهدين في أي فترة زمنية وليس فقط لعصره ،كوميديا سوداء يسلط بها تشابلن عن طريق شخصية الصعلوك الضوء على مشاكل الطبقات العاملة والفقراء والمهاجرين والباحثين عن عمل والكثير من المشاكل في إطار كوميدي ساخر ورومانسي كوميدي أحيانا أخرى .

[The_Tramp_Essanay] الصعلوك

“كل ما أحتاجه لصناعة كوميديا :منتزه، شرطي, وفتاة جميلة.” شارلي شابلن

السهل الممتنع

إبداعه كان في تصميمه وابتكاره لحركات وروتينيات ايمائية سلسة وخفيفة تصنع الضحكة بأقل مجهود ممكن وكل ذلك بأفلام صامتة ،لقد قام ب 34 فيلم قصير في سنته الأولى فقط في السينما مع استوديوهات كيستون ،قام تشابلن بعد ذلك في سنة 1915 بتوقيع عقد أفضل مع استودياهات ايساناي وقام بتطوير مواهبه في التمثيل والتعمق أكثر في شدة إنفعلاته على المستوي الايمائي والكوميدي مقارنة بما قدمه مع استودياهات كيستون ، تميزت افلام ايساناي بأنها كانت أكثر مرحا كما أن مدتها ضعف مدة أفلام كيستون بجانب ذلك قام بتطوير شركته الخاصة والتي بداية من سنة 1916 انطلق في كتابة وإخراج وإنتاج أعماله وسنة 1919 قام بمشاركة أصدقائه بإنشاء إتحاد الفنانين .

[11-2-2014 10-49-17 AM] انشائه إتحاد الفنانين

الكاميرا رفيقة الدرب

لم تفارق الكاميرا تشابلن حياته قط كانت ترافقه في وظيفتها الاساسية في تصوير افلامه وادواره وأيضاً في تصوير حياته الشخصية والمهنية أثناء التصوير وفي استديوهاته الخاصة والكثير من لحظات حياته فكأنهما خلقا لبعضهما البعض ولن يفرقهما الا الموت ،كانت حياته أيضاً الزوجية مضطربة ومثيرة للجدل فكان كثير الزيجات وخاصة اعجابه الشديد للفتيات صغيرات السن فزوجته الأخيرة والتي تعتبر حب حياته والتي استمرت معه حتى وفاته كانت تبلغ من العمر 16 عاماً بينما هو كان في عامه ال60 عندما تزوجها ، كان يستشعر تشابلن دائما المفارقة في حياته ببلوغه لهذا الثراء من خلال أداء شخصية أحد أفقر رجال الأرض ،الأمر الذي جعله متمسك دائما بالدفاع عن الفقراء والطبقة العاملة كما فعل في أخر الأفلام التي ظهرت فيها شخصية الصعلوك “اوقات حديثة” وكان ينتقد فيها الرأسمالية الحديثة وما جنت به على الطبقة العاملة وهو الفيلم الوحيد الذي سُمع فيه صوت شخصية الصعلوك لبضع ثواني وهو يدندن أغنية إيطالية ،أستمر بعدها في إنتاج أفلام أخرى ولكن لم يستطع مواكبه عصره بنفس نجاح “الصعلوك” .

[11-2-2014 10-59-58 AM] شابلن وزوجته الأخيرة “أونا شابلن”

” لا يوجد لدي أي حاجة في أمريكا بعد الآن. لن أعود لأمريكا ولو ظهر فيها يسوع المسيح." تشابلن

للفنان ميدان معركة آخر

برغم دوره الوطني في دعم الحرب العالمية الأولي والحشد لها جماهيريا وتخفيف العبء على الجماهير التي افقدتها الحرب الشعور بالسعادة والفرحة من خلال أعماله التي أعاد بها الكوميديا والبهجة للكثير منهم إلا انه لموقفه الداعم للاتحاد السوفيتي وقتها ودعوته بضرورة التعاون معه في مواجهة النازية تم إتهامه بالشيوعية والتي كانت تهمه شهيرة وقتها في أميركا الأمر الذي استدعى نفيه خارجها وعاد لوطنه الأم أنجلترا ثم أنتقل للعيش في سويسرا بقية حياته بعيدا عن السينما ولكن أحتفظ بروحه المرحة ورشاقته وسخريته حتى قامت جمعية الأوسكار بمنحة الأوسكار التكريمية لأعماله عام 1973 كإعتذار رمزي من الولايات المتحدة .

[Chaplin_oscar] شابلن يستلم جائزة الاوسكار

لم يكن بالطريق السهل

واجه شابلن الكثير من العقبات في حياته الشخصية والمهنية ،بداية من الطفولة الغير مستقرة والانتقال بين بيوت الرعاية بعد انفصال الاب والام وادمان الأم ،وحتى بداية مشواره التمثيلي كما ذكرنا وعدم اعتماده على الموهبة المتوارثه من والديه ولكن العمل على نفسه وتطويرها ثم عدم شعوره بالراحة من العمل تحت ادارة الأخريين فأسس شركته الخاصة هو واصدقائه واثقاله لمواهبه جعله مع الوقت ممثل وكاتب ومنتج ومخرج وموسيقار احيانا كثيرة فكان يعزف “الكمان” وقام بتأليف عدد من الموسيقى التصويرية لأفلامه ،حتى بدأ نمط حياته الخاصة وعلاقته النسائية وزيجاته الكثيرة تأثر على رد فعل الرأي العام تجاه واظهاره جانب معارض قوي للرأسمالية العالمية في أفلامه الأمر الذي افقده بعض شعبيته فى الولايات المتحدة بداية من الأربعينات التي تعتبر بداية خفوت نجم شابلن وأفلامه الأمر الذي يؤكده إخفاق فيلمه “مسيو فردو” عام1947 جماهيرياً ونقدياً والذي يعتبر من أفلامه الأخيرة ،كانت الأربعينات هى بمثابة اعلان نهاية فن شابلن وعصره لاختلاف الجمهور المتلقي الذي حضر عصره الذهبي فى العشرينات والثلاثينات وكان سبب فى نجاحه والذي بدوره اختلف الذوق العام الأمر الذي جعل التغلب على هذه العقبة الأخيرة صعب للغاية .

[11-2-2014 11-03-10 AM] شابلن في “مسيو فردو”

" أنا لا أزال على حالة واحدة ،حالة واحدة فقط, وهي أن أكون كوميديا, فهذا يجعلني في منصب أكبر من السياسي." تشابلن

من أشهر أعماله (الطفل) عام 1921 والذي كان مستوحى من قصة حياته و (حمى الذهب) و (الأوقات الحديثة) أخر افلام شخصية الصعلوك و (الديكتاتور العظيم) الذي قام فيه بالسخرية من أودلف هتلر حتى أن بعض النقاد يعتبرون عبقريته في السخرية من هتلر في هذا الفيلم جعلت يبدو وكأن هتلر هو من يقلد تشابلن في شخصية الفيلم وليس العكس .* إرث فني خالد

“مستعد أن أفعل أي شيء لأعرف ما رأي هتلر في هذا.” شابلن بعد عرض فيلم الديكتاتور العظيم

عند مشاهدة أعمال (تشارلي تشابلن) ومقارنتها مع نمط حياته تجد أنه كان في المقام الأول إنسان بكل ماتحمل النفس البشرية من تناقضات ولكن عبقريته ورغبته في التمييز والتفرد وتمسكه برسالته وضعته على رأس قائمة الفنانين العالميين وصناع السينما الذين أحدثوا ثورة في هذه الصناعة ،ملهم ،مبدع ،فنان،أيقونة،وأخيراً إنسان هكذا كان “تشارلي شابلن” .

" يوم بدون سخرية هو يوم ضائع." تشارلي شابلن

[11-2-2014 11-09-34 AM] مصدر مصادر

1 فيلم وثائقي على جزئين عن حياته وفنه

https://www.youtube.com/watch?v=Zivsj2YjqUE

https://www.youtube.com/watch?v=G2AR3kc9w7U

2 الموقع الرسمي لتشارلي شابلن

3 صفحتة على موقع imdb

4 مقالة عنه على ويكيبيديا